Offcanvas right

الحربي - للمزيد اضغط هنا

اليوم العالمي للإحصاء "ربط العالم ببيانات يمكننا الوثوق بها"

 

أ.د./ عبدالله بن حمود الحربى

عضو مجلس الشورى

أستاذ بقسم الإحصاء – جامعة الملك عبدالعزيز

شدّني شعار المناسبة الثالثة لليوم العالمي للإحصاء، "ربط العالم ببيانات يمكننا الوثوق بها"، لأتحدث عن 

أهمية التذكير بهذا اليوم.

وأعتقد أنه من المناسب، والعالم يحتفل بهذه المناسبة، أن نسلط الضوء على:

-أهمية هذا العلم 

-أهمية الوعي الإحصائي

-أهمية جودة البيانات الإحصائية

-دور قطاع الإحصاء في ​​المملكة 

- مستقبل الإحصاء في المملكة الى أين ؟

 

أهمية علم الإحصاء:

الإحصاء هو علم له طرقه العلمية ووظائفه المتطورة وقوانينه ونظرياته المتعددة والتي تعتبر أساساً للكثير من العلوم الأخرى ومنطلق لتطورها. وهو علم له علاقاته الممتدة عبر كل العلوم يؤثر فيها ويتأثر بها ويمثل جزء يكاد يكون عاماً ومشتركاً في كل العلوم تبدأ به وتنهل من طرقه ونظرياته مع اختلاف في درجة الامتداد والتشعب من علم إلى آخر، كما أنه علم له وجوده في حياتنا العملية وأن أي تصرف أو سلوك شخصي أو غير شخصي يمكن أن تحكمه نظرية إحصائية أو أن يكون منطلقاً من أحد الطرق الإحصائية. إنه علم له العديد من الوظائف المتطورة مع التقدم والرقي في كافة الميادين وهي تشكل في إطارها العام أدق وأحسن أسلوب للبحث العلمي الخلاق.

 

 

 أهمية الوعي الإحصائي:

إن مجرد الاهتمام بالمعلومات الإحصائية وتناولها واستخدامها من قبل أفراد المجتمع يعد في حد ذاته ظاهرة صحية تدل على انتشار الوعي الإحصائي بين هؤلاء الأفراد وتوضح ما لهذه الإحصاءات من قيمة ذات مردود إيجابي، كما أن هذا الاهتمام يوضح العلاقة القوية التي تربط بين الإدراك بأهمية الإحصاءات والوعي الإحصائي، والطلب المتزايد على الإحصاءات من قبل المخططين وراسمي السياسات التنموية ومتخذي القرارات والباحثين في مجتمع ما يدل على الفهم والإدراك الواسعين بأهمية هذه الإحصاءات وعملية توفير البيانات الإحصائية اللازمة بالقدر الكافي ترتبط أيضا بتحلي أفراد المجتمع بدرجة من الوعي الإحصائي، فإذا ما كان هناك وعي إحصائي وفهم وإدراك لقيمة المعلومات الإحصائية فلن يكون هناك ندره في هذه الإحصاءات على الإطلاق. ومن خلال العلاقة الوطيدة بين التخطيط والإحصاءات لا يمكن لنا أن نتصور مجرد التفكير في تخطيط تنموي سليم دون توفر بيانات ومعلومات ومؤشرات إحصائية (إحصاءات) على درجة عالية من الدقة والموثوقية والشمول، تساهم في إنتاج مؤشرات موثوقة وفي إجراء التحليلات واتخاذ القرارات الحاسمة في دعم التنمية المستدامة والتي تعكس تطور الدول. ولكي نحقق ذلك لابد من تمتع الأطراف ذوي العلاقة المعنيين بشئون التخطيط التنموي بدرجة عالية من الوعي الإحصائي

 

- أهمية جودة البيانات الإحصائية

منـذ بداية القرن الماضي ارتبـط موضـوع الجـودة الإحصائيـة بمـدى دقـة وكفـاءة البيانـات، ومـن ثـم تطـور هـذا المفهـوم حيـث أصبـح أكثـر شـمولية لـدى المؤسسـات الدوليـة والأجهـزة الإحصائيـة الوطنيــة فــي دول العالــم، فأصبحــت جــودة البيانــات الإحصائيــة لا تقــف عنــد مــدى دقــة وكفــاءة البيانــات فقـط، بـل تركـزت علـى أبعـاد ومعاييـر جديدة تعكـس مقـدار تلبيتهـا لطلـب المسـتخدمين وصناع القرار ومـدى رضاهـم. ومن تلك المعايير على سبيل المثال التجانس والترابط والشفافية والحيادية والاستقلالية والتوقيت المناسب لنشر البيانات، و وصولها لجميع المستخدمين بيسر وسهولة بدون لبس أو غموض.  وتتسم المرحلة الحالية في عالم البيانات بالتركيز على جودة المنتج لا على كم المنتجات فقط من خلال تطبيق الممارسات المثلى والمعايير العالمية في كافة مراحل عملها.  وبذلك تكتسب تلك المنتجات الإحصائية الثقة لدى المستخدمين.

 

 

دور قطاع الإحصاء في المملكة:

قطاع الإحصاء والمعلومات بالمملكة، يشكل أولوية مهمة لدى الدولة، خصوصاً في رؤية المملكة ٢٠٣٠، كما أنه شهد تطوراً ملحوظاً للإنتاج الإحصائي - سواء تعلق ذلك بالسجلات الإدارية أو بالعمليات الميدانية من تعدادات ومسوح وأبحاث – وللنظم الإحصائية ولأساليب النشر، وفي استخدام التقنيات الحديثة

ونظراً للأزمات المتتالية في مجال الطاقة والغذاء والاقتصاد والمال التي شهدها العالم في الآونة الأخيرة الى تزايد ملحوظ من حيث الكم في طلب البيانات والمعلومات الإحصائية ،كان لقطاع الإحصاء والمعلومات بالمملكة حظ وافر منه، وذلك نظراً للمكانة البارزة التي تتمتع بها المملكة في المنظومة الدولية والدور الأساسي الذي تقوم به على الصعيدين الاقليمي والدولي ، لذا أعتمد قطاع الإحصاء والمعلومات إستراتيجية وطنية للتنمية الإحصائية وفق المعايير الدولية في هذا المجال، والتي من أهمها مشاركة ومساهمة الفاعلين الرئيسين في العمل الإحصائي والمعلوماتي من مستخدمين ومنتجين للبيانات والمعلومات الإحصائية، وذلك لبناء شراكة حقيقية تضمن تبني الاستراتيجية من قبل المعنيين، والاستفادة من الخبرات والتجارب، وتظافر الجهود من أجل النهوض بهذا القطاع الحيوي.

وقد شهد الربع الأخير من القرن العشرين تزايداً سريعاً لعجلة التنمية في معظم دول العالم وتميز بخطى التقدم السريعة في المجال التكنولوجي ، ومع مطلع القرن الواحد والعشرين بدا واضحاً التغير الملحوظ في جميع النظم العالمية على جميع مستوياتها وقد جاء ظهور ذلك التغير نتيجة حتمية ومباشرة للتطور التقني الهائل والطفرة المتسارعة في عالم الاختراعات والاكتشافات ، ولا شك بأن لهذا التغير الأثر الواضح على سلوك وحياة المجتمعات السكانية قاطبة وعلى طريقة تعاملها وتفاعلها ، ونتيجة لذلك كله برز للبشرية نظام عصري حديث يدعى بالنظام العالمي الجديد ذلك النظام المتميز باتصاله السريع وتأثره الشديد بالتغير الطارئ على أي مفردة من مفرداته.

وفي عصر مليء بالمفاجآت والمتغيرات وفي عصر السرعة وتكنولوجيا الاتصالات أصبح من الضروري اعتماد القائمين على التخطيط التنموي ومتخذي القرارات الاستعانة بقواعد المعلومات الإحصائية المتاحة للوصول إلى تخطيط تنموي شامل وسليم، وهذا بدوره يؤدي إلى زيادة الطلب على البيانات والمؤشرات الإحصائية.

ولقد أدركت حكومة المملكة العربية السعودية ومنذ وقت مبكر ما للمعلومات الإحصائية من أهمية وتمت ترجمة هذا الاهتمام بشكل عملي تمخض عن إنشاء مصلحة الإحصاءات العامة في العام 1379هـ، التي كلفت بمسئولية تحديد المتطلبات الإحصائية والعمل على إعداد البرامج اللازمة لتوفير تلك المتطلبات.

ثم تم تحويل مصلحة الإحصاءات العامة الى هيئة مستقلة عام ١٤٣٦هـ، بمسمى الهيئة العامة للإحصاء،

والهيئة بصفتها الجهاز المركزي والمرجع الرسمي الوحيد للإحصاء في المملكة العربية السعودية ومن منطلق وعيها بأهمية الدور الذي تقوم به وإدراكها لثقل المسؤولية الموكلة إليها، سيكون لها دور في التخطيط التنموي المستقبلي، يستند في إعداده وتنفيذه وبشكل شامل على قاعدة من المعلومات والبيانات الإحصائية الدقيقة والشاملة والموثوقة في مختلف المجالات.   ونتطلع إلى أن تسعى الهيئة في الاستمرار في التعاون والتكامل مع الأقسام العلمية لتقديم المشورة الفنية في سبيل تطوير أداء العمل الإحصائي واستمراره في الإدارات والأقسام الفنية الإحصائية التابعة للوزارات والجهات الحكومية التي تضطلع بمهمة جمع وتصنيف ونشر البيانات الإحصائية الرسمية التي تقع في مجال اختصاصاتها.

 

 

-مستقبل الإحصاء ... إلى أين؟

تبنت المملكة العربية السعودية "رؤية 2030" لتكون منهجاً وخارطة طريق للعمل الاقتصادي والتنموي في السنوات القادمة، وقد رسمت الرؤية التوجهات والسياسات العامة للمملكة، والأهداف والالتزامات الخاصة بها، لتكون نموذجاً رائداً على كافة المستويات، في ظني أن مستقبل الاحصاء في المملكة يعتمد على أربع ركائـــز: تطوير أقسام الإحصاء بجامعات المملكة، ثم بناء وتطوير المعايير المهنية للإحصاء والاختبارات وتراخيص العمل في المجال الإحصائي، ثم بناء بنك وطني للبيانات، وأخيراً، تفعيل سبل التعاون بين الأقسام والجهات المستفيدة و تنشيط دور الجمعيات الإحصائية وفروعها. وبالتأكيد لو تحققت هذه الركائز لساهمت في تحقيق توجهات رؤية المملكة 2030.

 

Undefined